عرفنا التدين انه حالة سمو روحي وخلقيّ ، وهو حالة تجعل الانسان حسن الخلق ومتكامل الشخصية ما بين علاقته بربه وعلاقته بالناس بحيث يكون متوازن بل متطابق ما بين اعتقاده و سلوكه العملي ، فالتدين اذا يجب ان يصنع هذا التوازن
ومن خالف هذا التوازن والتكامل فهو ممن قال عنهم الله (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
كل يوم يصدمني ما أراه في حياتي وفي علاقاتي بكثير من الناس ممن يفترض انهم متدينون ، وجوههم مميزة بعلامات الصلاة ، والسبحة لا تفارق ايديهم ، ويعلنون كل حين انهم دعاة الخير
فاذا نزلوا الي واقع الحياة اليومي واذا تعاملوا بطبيعتهم مع الأخرين ستجد العجب العجاب ، ستجد من يفجعك سلوكه في تعاملاته المادية والتجارية ، اذا ائتمنته علي مالك ضيع حقك واستحله لنفسه ، اذا دخلت معه في علاقة نسب ومصاهرة فهو انسان أخر ، لا يعنيه خلقك ولا أصلك بل المال لا سواه ، لا يقيمك الا بالمال وما تملك وما ستشتري ، مهما بدا غير ذلك فالطمع البشري يغلب عليه ويحاول ان يبرر لنفسه اي مبرر لما يفعله معك ، سينسي او يتناسي ( اقلهن مهورا اكثرهن بركة ) ، سينسي ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)
سيكون معك انسان أخر غير الذي كنت تظن ، سيطلب منك اكثر واكثر طالما انك تستطيع الدفع وكأنك في صفقة معه يجب ان يحصل علي اكثر ما يمكن منك
سيظهر المعدن الحقيقي الذي ربما تجد افضل منه عند اناس عاديين لم يدعوا التدين ولم يرسموا لنفسهم هذه الصورة النورانية النقية
ما اشد صدمتك ايها الحالم الذي عاش عمره يتخيل نفسه وسط مجتمع من الملائكة ، فلما جرب بنفسه وجد غير ذلك ..
ستجد من تدعي الكمال والصفاء وقلبها لا يحمل الا الكراهية ولسانها لا يسكت عن غيبة ولا يتورع عن افتراء في حق اخرين بينما ترتدي هي ثوب الربانية وتدعي كمال الخلق وحسن الدين
ستجد صاحب القلب المريض الذي يحقد علي الناجحين ويحرص علي تشويههم كذبا وزورا بينما يمسح دوما دموع التبتل والخشوع عن عينيه
ستجد وستجد وستغضب من هذا التناقض وستحزن لدينك ولكن لا تأسي فالله جامع كل الناس بين يديه وكلهم أتيه يوم القيامة فردا ، ومن استتروا وخدعوا وضللوا وناقضوا انفسهم فان الله سائلهم
ولا تخزني يوم يبعثون يوم لاينفع مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم
الا من أتي الله بقلب سليم