Friday, November 21, 2008

خواطر مريض


تختنق الكلمات وتتواري العبارات واجد نفسي تلميذا فاشلا في كتابة موضوع التعبير المطلوب منه
اذ كيف أعبر عن شيء ليس من هذا العالم وليس من هذه الدنيا ، انه شيء في عالم أخر ، ليس عالم المادة
ولكنه عالم الأرواح ، انها دنيا الحب والوفاء والاخلاص ، عالم له قوانين تختلف عن قوانين الدنيا تماما
علي غير أرحام بينهم تلاقوا ، علي فكرة ومبدأ تجمعوا ، علي غاية نبيلة قرروا ان يسيرون ، ليس بينهم اي مصلحة دنيوية ولا يوجد أي غرض أخر لتلاقيهم غير الهدف والفكرة والطريق ، مرتبطون هم برباط واحد لا تستطيع كل قوي الارض مجتمعة ان تضعفه أو تمزقه ، من ألف بينهم هو خالق الكون فكيف لأحد أن يفك رباطهم ، يقعدني المرض الان ويشاء القدر ان يكون جسدي سليما ولكن أفة المرض تتركز في عقلي وخلايا مخي الذي أفكر به ، أجد صعوبة شديدة في التركيز لمدة دقيقة واحدة في أي شيء ولكني أضغط علي نفسي الان لأكتب وأعبر عما بداخلي من مشاعر وطاقة روحية ونفسية لا استطيع تحملها وحدي فرأيت أن راحتي ان افضفض مع اغلي الاحباب والرفاق عبر الكتابة اليهم

يشدني الماضي الان لأتذكر وجهه الصبوح المشرق المطمئن الباسم دوما وهو يقول لي في مرض شديد ألم بي من حوالي 12 سنة وكنت علي وشك الموت لولا رحمة الله ( كنت مصاب بالتهاب رئوي حاد ) كان ينظر لي ونحن في الطريق الي الطبيب ويقول لي : يلا ياعم انت ناوي فعلا تبقي زي كل الادباء والمفكرين اللي جالهم التهاب رئوي زي ابو قاسم الشابي وسيد قطب والبارودي والرافعي بس هما ماتوا وانت هتعيش ان شاء الله عشان تكمل اللي هما بدءوه وتضيف لمستك للانسانية ، أضحك وأقول له هما فين وانا فين ؟؟
ومرت الايام وشفاني الله بعد رحلة صراع طويلة مع هذا المرض المؤلم والصعب وعندما تماثلت للشفاء اتذكر هذه اللقطة ونحن معا في محطة الرمل والمنشية بالاسكندرية موطني الاول ونحن نأكل معا أيس كريم وهو يقول لي : يا مصطفي المتميزون واصحاب الافكار لا يعيشون كثيرا ، فلا تتأخر واصنع مشروعك قبل أن تسبقك الايام ، اترك بصمتك علي هذا الكون واياك والتسويف فانه يقتل الاحلام ويقطع الامال ، يا مصطفي الانسان لن يعيش الا مرة واحدة فاما ان يربح المبارة او يخسرها !! فاهمني يا درش ؟
نعم فهمتك قوي دلوقتي يا استاذ اسماعيل يا حبيب قلبي الله يرحمك ، انت كنت صاحب مشروع وانا شايف نفسي احد ثمار هذا المشروع ربنا يرحمك يا حبيبي ونور عيني ، يا ملهم روحي ، ربنا يرحمك ويجازيك خير بكل حاجة علمتها ليا وانا صغير ، يكفيك انك علمتني اني احب الناس كلها واسامحهم مهما عملوا فيا ، علمتني انام وقلبي ابيض مش شايل اي حقد ولا غل تجاه اي انسان ، غسلت قلبي بنور وصفاء خلاني فعلا مش بعرف اكره ابدا

انا تعبان دلوقتي يا استاذي ومش لاقيك جنبي ، بس في جنبي ناس كتير قوي بحبهم قوي وهما كمان بيحبوني اوي ، ناس مخلصة بجد ناس قلوبها صافية جدا جدا ، ممكن يضحوا بنفسهم عشان فكرتهم وغايتهم وعشان الناس اللي بيحبوها
ناس كنت علطول بتقولي هتلاقيهم يا مصطفي في طريقك طول ما انت عايش للفكرة ومخلص ليها ،
ناس بجد
قلوبها طاهرة قوي ومشاعرهم صادقة جدا ، ناس بجد زي الملايكة بس عايشين في الارض ، انا لقيتهم زي ما حضرتك قلت لي ، عايش معاهم دلوقتي بنفسي وروحي وقلبي وكل مشاعري ، ناس نفسي اعيش فعلا عشان اشاركهم احلامهم ، واساعدهم انهم يبقوا عايشين سعداء علطول ، سعادتي في سعادتهم ، حزني في حزنهم ، فرحي في فرحهم ، حلمي في حلمهم ، انت عارف طبعا اني كنت علطول بدعي ربنا اني اموت صغير وبصحتي
وما اوصلش لسن العجز وخد ايدي يا بني وكدا ، دلوقتي بجد نفسي اعيش كتير قوي عشان ابقي جنبهم ومعاهم ونكمل الطريق مع بعض ونختم عمرنا بحسن ختام وبحاجات حلوة كتيرة ، وبعد ما نموت ربنا اكيد
هيجمعنا مع بعض في الجنة ونفتكر الايام الجميلة والمعارك الصعبة اللي خضناها مع بعض في الدنيا ، هنفتكر الصوت العالي اللي كان بيضايق قيثارتنا المرهفة ، هنفتكر التي شيرت الملون اللي كلنا كنا بنهزر ونتريق علي صاحبنا اللي لابسه ، هنفتكر دير النحاس بتاع سولو وهنفتكر معارك الوهابية اللي كنا بنقطع بعض فيها وبعد كدا نضحك برده وما نشيلش اي حاجة من بعض ، هنفتكر( فريق ولا موقع) وحسم هذه القضية ، هنفتكر عبده صوت الضمير اللي بجد ربنا كرمنا بمعرفته ، هنفتكر قذائف الكوين التي لا تصد ولا ترد ، هنفتكر شتاء مصاعيبوا ومشاكله ،هنفتكر حاجات كتير قوي ، بتعدي علينا وبعد كدا بنحس قد ايه كانت حلوة قوي ، هنفتكر المعلم الكبير مجدي وهو بيشتغلنا بخفة دمه الجميلة ، هنفتكر رفعت وشلبي واسامة وعبد القوي وهما عاملين منظرين اعلاميين علينا وابن خلدون وطموح وهما لابسين قبعة التنظير الكوزموبوليتاني ، هنفتكر حاجات كتير جدا جميلة قوي بنعدي عليها مع بعض ولحظات حلوة قوي بنعيشها كبشر وانسنة وحاجات حلوة كتير زي دي

عايز اقول كتير واحكي كل اللي في قلبي واوجه كلامي لكل حد فينا بشخصه ولكن اعذروني طاقة التركيز دلوقتي اوشكت علي الانتهاء تماما وضباب العيون بدأ يتسلل لعيني اسيبكم دلوقتي وارجع للراحة اللي الدكاترة امروني بيها ، رغم اني عارف ان راحتي هي في الكلام معاكم ورؤيتكم ، ما تقلقوش عليا ابدا ، اني لما انزل الله اليا من خير فقير ، كله خير ، كله خير قضاءوه خير ورضانا خير وأملنا فيه خير
واثق ان الله سيشفيني بدعائكم وحبكم ، واثق ان الله سيعطيني فرصة لنكمل طريقنا ونحقق احلامنا ، سأتحدي بكم قسوة المرض ومرارته وواثق انني سأنتصر ان شاء الله وانا معكم وبكم كرفاق طريق وشركاء فكرة ومصير
طريقنا سيكتمل ولن يتوقف علي فرد مهما كان وحلمنا سيمضي ويبلغ الافاق لاننا معا
وسنظل ان شاء الله
دمتم بخير
دعواتكم كثيرا

3 comments:

shaimaa samir said...

المتميزون واصحاب الافكار لا يعيشون كثيرا ، فلا تتأخر واصنع مشروعك قبل أن تسبقك الايام ، اترك بصمتك علي هذا الكون واياك والتسويف فانه يقتل الاحلام ويقطع الامال

كلمات لا ينطقها الا بليغ

نصادف اشخاصكلماتهم تظل ترن فى اذاننا واذهاننا وقلوبنا
الى ان نموت
وتكون هى نبراسا لنا

تحياتى لك
د مصطفى

دكتور حر said...

عارف نشيد

اخي في فؤادي

عمال اقرا الموضوع وهو شغال في دماغي

ورنت أكتر

أخي انا انت فمن منهل
سقينا الحياة ومن مشرع

اخي انا انت فآمالنا
وآلامنا فضن من منبع



بس
:)

Mohammed Mamdouh said...

شفاك الله وعافاك يا دكتور
وبارك الله فيك لتكمل الطريق الذي بدأت حتى النهاية