Wednesday, October 15, 2008

مع البحر


مع البحر 1
-------------
المكان : شاطيء العصافرة - الاسكندرية
أعود اليك كلما اشتد بي الشوق والحنين ، كم افتقدك يا صديقي ، سنين كثار باعدت بيننا ، هل مازلت تذكرني وانا صغير بهذا الشاطيء ألهو معك واحتضن أمواجك وأتركها ترفعني وتهبط بي في قاعك ثم تعلو بي مرة أخري وأنا أعجب من قوتك التي منحك الله اياها ،كان يومي يبدأ عندك صيفا او شتاءا ، في الشتاء كنت ترافقني في خطواتي وانا امشي طريقي الي مدرستي التي تطل عليك ذهابا وايابا كنت معي، في الصيف كنت أتيقظ مع الفجر لأصلي ثم أتي اليك اتحدث معك واشركك معي في تفكيري وهمومي ، كنت قريبا مني للغاية تشعر بي واشعر انك تواسيني بدفقات من رذاذ لذيذ يتطاير من موجك وهو يضرب صخرتي التي كنت دوما أجلس عليها وأسبح معك بخيالي ، غيبتني السنين والاقدار وسكنت في مدينة قاسية لا تعرف معني الشفقة ولا الرأفة بالبشر ، الكل يجري ويلهث يبحث عن المادة ، الايام لا تنتظرأحد ولا أحد يفكر في أحد ، لا اجدك حتي تواسيني ، لا اجدك حتي احدثك بهمومي وافكر معك ، هل تذكر حكايا الهوي وجراحات القلب التي كانت تتجدد مع كل قصة حب أحيا بها وامضي فيها ، كم حكيت لك عن حبيبتي وكم رويت لك عن حالي معها ، ايها البحر كم سالت دموعي وانا أروي لك ما اعاني كم أعطيتني قوة بلا حدود ، كم علمتني ان اتماسك وان اتحدي المستحيل كم علمتني الا اخاف من الغد طالما انني اعمل له ، أعود اليك اليوم وقد أثقلتني جراحات السنين ومزقتني مرارة التجارب وقسوة الايام وكذلك البشر

أعود اليك وقد بدأ الشعر الابيض يتسلل الي رأسي ويترك اثر الزمن علي وجهي الذي يمضي ليصبح وجها ثلاثيني ، هنا كنت طفلا وهنا كنت اجري وامرح واضرب امواجك بقدماي الصغيرتين وانا اتخيل انني اوقفها وامنعها من الارتطام بالشاطيء ، اتذكر جزيرتي المفضلة التي كنت اسبح اليها واسابق اصدقائي في الوصول اليها ثم اغوص تحت صخورها لاري بعيني اروع ما خلق الله من كائنات ونباتات بحرية تشكل عالما فريدا من الابهار وتثبت قدرة الخالق عزو جل
كم قضيت من اوقات كثيرة تحت الماء انظر بنظارتي لهذا الكائن البحري النباتي الذي يفتح عندما يشعربالامان ويغلق عندما يشعر بالخطر او باقتراب احد منه ، صرنا اصدقاء لم يعد يخاف مني ، علمني التأمل الكثير والكثير ، علمني صفاء الذهن وهدوء البال و عمق التفكيروالصبر

كنت اسبح بعيدا عن كل الناس واصل لاقصي نقطة من الممكن ان اصل اليها ، ثم انظر للناس كنقاط صغيرة تبدوا رؤسهم من بعيد وانظر للعمارات الشاهقة التي لم تستطع ان تقاوم تأثيرك عليها فبدت تتحلل جدرانها من جوارك فغدت تبدوا كجنود جيش منهزم يحاول التماسك ولكن بلا جدوي مهما تم تجديدها كل عام فانك تفعل بها ما تفعل

كم كنت اتمتع عندما انام علي ظهري واترك الامواج تحركني بانسيابية ومرونة اغمض عيني واترك توازني للماء فأشعر بمزيد من الصفاء والاتزان النفسي وراحة البال ويزول عني كل توتر
كم انت جميل ايها البحر ، كم انت صديق وفي ، هل ما زلت تذكرني وتذكر قصائدي والحاني التي ألهمتني اياها ، قل الهامي الان وضعف انتاجي عندما بعدت عنك فهل من الممكن ان يعود

يا صديقي اخبرني : ما الذي تغير أنا أم أنت أم نحن ؟ ما الذي حدث ؟

والي اين المسير؟ عذرا أرهقتك بأسئلتي ولكني كنت افتقدك بشدة
ولي عودة اليك

10 comments:

Anonymous said...

what happened to the other one?

AbdElRaHmaN Ayyash said...

ايه يا دكتور
ثلاثيني مين يا عم ما شاء الله عليك
:d ما انا شعري ابيض و لسه مكملتش عشرين سنة
لكن حقيقة .. أحيانا كثيرة نشتاق لمثل هذا الصديق .. أعتقد أنه لن يبوح بسرك لأي كان .. سأخبره يوما ما بسر :)
فقط عندما اصادقه !

إسلام said...

حاسس بيك يا دكتور .. ويمكن الاحساس ده اللي بيحسوه أهل اسكندرية .. لأن ليهم مع البحر غرام خاص
تحياتي لكل نقطة مياة مالحة في اسكندرية وكذلك لكل ذرة رمل على شواطئ الاسكندرية الحبيبة

رد الله غربتك

آلاء said...

هو البحر ليه سحر خاص و خصوصا بحر اسكندريه بلدي الحبيبه


و ان شاء الله ترجعله و تحكيله كل اللي حضرتك عايزه

mahasen saber said...

حالات الحنين والاحزان الدفينه والاشتياق للماضى وايامه السعيده والغير سعيده بتغزونا على قدوم الشتا ..
دايما دايما لما نكبر نحن للماضى واحنا صغيرين
ودايما لما نحزن نحن للماضى واحنا سعدا
ودايما دايما عايش الحنين والالم والشجن معانا ومصاحبنا زى الصاحب الامين
..

أختكم فى الله said...

هى دى العلاقة الجميلة اللى بينت كل اهل اسكندرية وبين البحر

انا والبحر جيران اصلا

ربنا يريح قلبك يا رب

Heba Mohamed said...

لو كان البحر أجاب على سؤالك ، كان زماننا كلنا مترصصين على البحر ، وبين أمواجه .

وخصوصاً إنك أكثر واحد غاوي أمواج

madeeh said...

حقا حينما تثقلنا الهموم ليس من صديق أوفي ممن ترسو إلي شاطئه وتحمل عليه همومك ولا يتبرم بك ,وينتهي لقاؤك به وهو علي حاله الأولي لم يتبدل عن استثقال إنما يودعك بنفس الابتسامة التي حينما قابلك بها وضع عنك شطر همك,أما أنت في نهاية اللقاء تكون قد ألقيت عليه الشطر الآخر.بارك الله في قلمك وجعلك ممن يبحثون عن أمواج الجمال في إسلامنا لتغمر بها وجه الطغيان فتذيبه ,وتغمر بها وجه الدعاة إليه فتصقلهم بفهم ووعي كما قال إمامنا البنا"لتكن نصيحتك تلميحا لا تصريحا وتصحيحا لا تجريحا".

mahasen saber said...

د.\ مصطفى ...حبيت بس اسلم على حضرتك واتطمن على اخبارك
.........
تقبل خالص تقديرى واحترامى ...وعلى فكره الشتا دخل يعنى البحر حلاوته وسحره هيبقا مضاعف فى ايام الشتا الدافئه دى...

Anonymous said...

كلماتك كأنها تتحدث عنى ، مع الفارق ، فشاطئي هو كامب شيزار الذي ابتلعه نحر البحر في البداية ، و أجهزت عليه توسعة الكورنيش بعد ذلك ، لترقد ذكريات طفولتى تحت الأسفلت ، و مع ذلك فالبحر أحب أصدقائي.