Tuesday, September 29, 2009

ويدعون التدين



عرفنا التدين انه حالة سمو روحي وخلقيّ ، وهو حالة تجعل الانسان حسن الخلق ومتكامل الشخصية ما بين علاقته بربه وعلاقته بالناس بحيث يكون متوازن بل متطابق ما بين اعتقاده و سلوكه العملي ، فالتدين اذا يجب ان يصنع هذا التوازن
ومن خالف هذا التوازن والتكامل فهو ممن قال عنهم الله (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )

كل يوم يصدمني ما أراه في حياتي وفي علاقاتي بكثير من الناس ممن يفترض انهم متدينون ، وجوههم مميزة بعلامات الصلاة ، والسبحة لا تفارق ايديهم ، ويعلنون كل حين انهم دعاة الخير


فاذا نزلوا الي واقع الحياة اليومي واذا تعاملوا بطبيعتهم مع الأخرين ستجد العجب العجاب ، ستجد من يفجعك سلوكه في تعاملاته المادية والتجارية ، اذا ائتمنته علي مالك ضيع حقك واستحله لنفسه ، اذا دخلت معه في علاقة نسب ومصاهرة فهو انسان أخر ، لا يعنيه خلقك ولا أصلك بل المال لا سواه ، لا يقيمك الا بالمال وما تملك وما ستشتري ، مهما بدا غير ذلك فالطمع البشري يغلب عليه ويحاول ان يبرر لنفسه اي مبرر لما يفعله معك ، سينسي او يتناسي ( اقلهن مهورا اكثرهن بركة ) ، سينسي ( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)
سيكون معك انسان أخر غير الذي كنت تظن ، سيطلب منك اكثر واكثر طالما انك تستطيع الدفع وكأنك في صفقة معه يجب ان يحصل علي اكثر ما يمكن منك

سيظهر المعدن الحقيقي الذي ربما تجد افضل منه عند اناس عاديين لم يدعوا التدين ولم يرسموا لنفسهم هذه الصورة النورانية النقية

ما اشد صدمتك ايها الحالم الذي عاش عمره يتخيل نفسه وسط مجتمع من الملائكة ، فلما جرب بنفسه وجد غير ذلك ..

ستجد من تدعي الكمال والصفاء وقلبها لا يحمل الا الكراهية ولسانها لا يسكت عن غيبة ولا يتورع عن افتراء في حق اخرين بينما ترتدي هي ثوب الربانية وتدعي كمال الخلق وحسن الدين

ستجد صاحب القلب المريض الذي يحقد علي الناجحين ويحرص علي تشويههم كذبا وزورا بينما يمسح دوما دموع التبتل والخشوع عن عينيه

ستجد وستجد وستغضب من هذا التناقض وستحزن لدينك ولكن لا تأسي فالله جامع كل الناس بين يديه وكلهم أتيه يوم القيامة فردا ، ومن استتروا وخدعوا وضللوا وناقضوا انفسهم فان الله سائلهم

ولا تخزني يوم يبعثون يوم لاينفع مال ولا بنون الا من أتي الله بقلب سليم

الا من أتي الله بقلب سليم

Saturday, September 12, 2009

لحظة


عقله مضطرب بألاف الافكار ، قلبه يحن لملايين الأحلام ، نفسه تتألم وتضحك في نفس الوقت ، هو حزين وسعيد ، هو يائس وممتليء بالأمل ، هو راض وساخط ، هو ثائر ومستسلم ، يشعر بالملل ويشعر بالانشغال، يبتسم وتدمع عيناه ، يتفاءل ثم يتشاءم، يجمع بين متناقضات العالم كله في لحظة واحدة

لحظة واحدة تتداخل فيها كل مشاعره واحاسيسه ، لا يستطيع أن يميز بينها ، في داخله كلام كثير يريد أن يخرج ، يفكر في أن ينزل ليمشي في الهواء الطلق لتهدأ نفسه ويستجمع ذاته ، تسيطر عليه هذه اللحظة الغريبة ما بين تألم واستمتاع ، تمنعه من النزول ، وتلح عليه أكثر وأكثر بكل عنفوانها

شريط حياته يتسلسل في لقطات وومضات تبرق في عينيه ، يتأمل نفسه فيها ، ينظر لاختياراته ، ينظر لنجاحاته ، يتفرس في اخفاقاته ، ابتسامة ثم دمعة ، ثم ابتسامة ثم ألم ، مع كل لقطة مختلفة يودعها بشيء من هذا

تبدوا لقطات حياته مرة كطائر خرافي يمتطيه ويحلق معه فوق السحاب ، وتبدوا مرة أخري كمطرقة تهوي علي رأسه وكسوط ملتهب يلهب جسده جلدا ، حالة من اجتماع الضدين ، المستقبل والماضي ، الماء والنار ، البرد والدفء ، الحب والبغض ، الاقدام والتراجع ، التقدم والانسحاب ، التحدي والرضوخ

تمر عليه كثيرا من الوجوه ، يستغرب بعضها ويستوحش من بعضها الاخر ، بينما يحن الي وجوه بعينها ويتمني ان تظل امام عينه ولا تمضي

يكتب الأف الرسائل ويرسلها ، لا ينتظر الرد من أحد ، ولكنه سيرسل رسائله فربما يستريح وتنتهي هذه اللحظة التي طالت عليه ، يتذكر هذا القوقع الحلزوني الذي كان يجده علي شاطيء البحر صغيرا ، ويمسك به ويمعن فيه النظر ليجد ان دوائره ومنحنياته كلها توصل لنفس النقطة مثلما الدنيا التي تنتهي به الي مكان بدايته

يحاول جاهدا طرد هذه الافكار والخروج من هذه الحالة وتلك اللحظة ، لا يستطيع ، تسيطر عليه تتملكه ، تأسره ليواصل شريط اللقطات المرور امام عينه ، ايها المارون أمام عيني ، توقفوا من فضلكم واسمعوا لي ، عندي رسالة لكل واحد منكم ، اسمع انت واسمعي انت ، لا تغيبوا عن عيوني بهذه السرعة

سأقول لبعضكم ليتني لم أعرفكم ولم أراكم في حياتي ، وسأقول للبعض الأخر ليتكم ظللتم في حياتي ولم تفارقوني وسأقول لأخرين ليتكم تدخلون حياتي

أيتها اللحظة الطويلة الصعبة ، بالله عليكي توقفي وانتهي ، لم أعد أطيق ولا أتحمل كل هذا الانفعال ، رأسي يمزقها الصداع ، ارحميني لم يعد بي طاقة ... لا تلتفت اليه تهاجمه بضراوة وعنف

وتستمر هذه اللحظة

Sunday, September 6, 2009

مدون مش ماسح تعليق ..التهمة الجديدة...لا لتقييد حرية التدوين




تتقدم الدول المختلفة يوما بعد يوم ، ويقاس تقدم الدول بمدي مساحة الحرية المتاحة فيها لافراد المجتمع للتعبير عن ارائهم وافكارهم ووجهات نظرهم ، وظهر خلال السنوات الاخيرة تيار الصحافة الشعبية والمواطن الصحفي ، الذي يمثل المدونون في انحاء العالم القاعدة العريضة لهذا التيار ، الذي استطاع ان يكسر احتكار وسائل الاعلام الحكومية ، وان يكون اقرب للحدث واكثر صدقا في تناوله



ومع تنامي عدد المدونين في مصر ونشطاء الانترنت ، استحدث النظام قسم مكافحة جرائم الانترنت الذي من المفترض ان يبحث عن الجرائم المستخدم فيها الانترنت كوسيلة تقنية ، ولكن يبدوا ان النظام اراده لاغراض أخري ، اهمها ملاحقة المدونين ونشطاء الانترنت واختراق حساباتهم الشخصية واستغلال ما يكتبون كدليل ادانة ضدهم

فاجئنا جميعا خبر استدعاء الصحفي خالد البلشي رئيس تحرير جريدة البديل للتحقيق معه ، ليس بسبب ما كتبه بل بسبب تعليق علقه احد زوار مدونته التي ينشر بها اعماله الصحفية وكان الخبر كالتالي : (تلقى خالد البلشي رئيس تحرير جريدة البديل ليوم استدعاءً من مكتب مكافحة جرائم الإنترنت؛ لإعلامه باتهامه في قضية سب وقذف على خلفية وجود أحد التعليقات على موضوع له تم نشره بمدونته، كشف فيه حقائق موثقة بالمستندات عن بيع أراضي شركة "سيد" للأدوية، وحمل التعليق سبًا لأحد أفراد الشركة، ولم يقم البلشي بحذفه، على حد تعبير الاستدعاء!!. )



وتأتي هذه الخطوة بعد عدة خطوات سابقة في التصعيد ضد المدونين ، فمنذ اعتقال كريم عامر والحكم عليه بالسجن لما كان يكتبه في مدونته ومن اعتقال اخرين غيره خلال الثلاث سنوات الماضية اصبحنا نشهد تكررا لاحتجاز المدونين في مطار القاهرة ومصادرة متعلقاتهم كما حدث مع المدون وائل عباس وكما حدث من اختطاف لاثنين من المدونين مجدي سعد وعبد الرحمن عياش قبل شهرين



ولكن تمثل هذه الخطوة التي تمت مع الصحفي خالد البلشي ، جرس انذار وناقوس خطر لما سيأتي بعد ذلك ، فسياسة التخويف والارهاب الفكري باستخدام شكل قانوني مفتعل قد يتم التوسع فيها ، وعلي ذلك يمكن اعتقال اغلب المدونين المعارضين لما تحتويه مدوناتهم من تعليقات تخص من علقوا ، بل الاصعب من ذلك يمكن مساءلة المدونين قانونيا بحجة سخيفة قد يفتعلونها كعدم الحصول علي الترخيص للنشر في المدونة وهي وسيلة نشر عامة ينطبق عليها قانون الصحافة الذي يحظر انشاء الصحف دون الحصول علي ترخيص مسبق من النظام

قد يري البعض تشاؤما فيما اكتب ، ولكن أحب أن أؤكد ان حالة الافلاس التي يتم بها مواجهة وسائل الاعلام الجديد قد تجعل هؤلاء يبتكرون ويتوصلون الي وسائل وحجج اسخف من كل هذا لتقييد حرية الرأي



ان علينا جميعا ان ننتبه لهذه المحاولات وان نعمل علي تجريس هذه الافعال وان نحافظ علي مكتسباتنا في معركة الحرية ، وان نعلن للجميع ان الزمن لن يعود للوراء أبدا


وتبقي حرية الرأي والتعبير عن الرأي حق انساني ودستوري لا يمكن ابدا ان نسمح لأحد بالمساس به